السعودية والقضية الفلسطينية: عندما يتحول الموقف إلى إنجاز

البعث نيوز _ صفوان سلطان
القضية الفلسطينية لم تكن يومًا قضية عابرة في وجدان الأمة، لكنها للأسف ظلت لعقود طويلة أسيرة بيانات التنديد والشجب، وأحاديث المؤتمرات التي لا تتجاوز سقف الشعارات. هذا الجمود السياسي ترك الشعب الفلسطيني يواجه الاحتلال وحده، فيما اكتفى العالم العربي والإسلامي بمواقف لفظية لم تغيّر في موازين الصراع.
لكن المملكة العربية السعودية، بترتيبها لمؤتمر الاعتراف بالدولة الفلسطينية وانتزاع تأييد 157 دولة، كسرت هذه القاعدة الجامدة، وقدمت نموذجًا مختلفًا في التعاطي مع القضية الأولى للعرب والمسلمين. لقد كان هذا التحرك خروجًا واعيًا عن المألوف، وارتقاءً بالفعل السياسي من مستوى الكلمات إلى مستوى القرارات المُلزِمة على الصعيد الدولي.
أهمية هذا التحرك
أولاً، أعاد المؤتمر وضع القضية الفلسطينية في صدارة الأجندة الدولية، في وقت كان فيه الاحتلال يراهن على طمسها تحت وقع الحرب والعدوان.
ثانيًا، منح الشعب الفلسطيني غطاءً سياسيًا دوليًا متجددًا، لا يمكن للاحتلال تجاوزه، وأكد أن الاعتراف بالدولة الفلسطينية بات مطلبًا دوليًا جامعًا لا شعارًا محليًا.
ثالثًا، أثبتت المملكة أن قيادتها ليست مجرد مراقب للأحداث، بل صانع مسارات جديدة، تدرك أن استراتيجيات “التنديد” لم تعد كافية أمام آلة قتل صهيونية تمارس إرهاب الدولة على شعب أعزل.
ما بين الشعار والإنجاز
إن الفارق بين الخطاب التقليدي وهذا التحرك السعودي، هو ذات الفارق بين من يرفع شعارًا ومن يصنع واقعًا. فالمؤتمر لم يكن مجرد تظاهرة إعلامية، بل خطوة عملية أحدثت تأثيرًا مباشرًا على صورة الاحتلال، ورسخت مكانة فلسطين كدولة معترف بها من أغلبية ساحقة من دول العالم.
السعودية كقوة تغيير
بهذا الإنجاز، رسخت المملكة موقعها كقوة عربية ودولية قادرة على إعادة تشكيل المعادلات، ونقل الصراع إلى فضاءات سياسية وقانونية تضع الاحتلال في عزلة متنامية. لقد كان هذا التحرك تعبيرًا عن مسؤولية تاريخية تجاه فلسطين، ورسالة للعالم أن المملكة لا تتحدث فقط باسمها، بل باسم ضمير أمة كاملة تتوق للعدل والحرية.
خاتمة
لقد آن الأوان لأن نقرأ هذا الموقف السعودي باعتباره بداية مرحلة جديدة في التعامل مع القضية الفلسطينية. مرحلة تُبنى على الفعل لا على القول، وعلى المبادرة لا على ردود الأفعال. فالقضية الفلسطينية بحاجة اليوم إلى مواقف بهذا العمق، تعيد الاعتبار للحق، وتؤكد أن الشعوب لا تموت حين تجد من يقف معها بالفعل لا بالشعارات.