مقالات

الـثـقـافـة هي السلاح الأقوى والمقاومة الأشرس لقضية لن تموت ابدآ

البعث نيوز _ امين احمد الحاج

في خضم الصراع الفلسطيني، أدرك الأدباء والشعراء أن المعركة الحقيقية هي معركة السردية. الثقافة هي الخندق الأخير الذي يحفظ هوية شعب يريد المحتل طمسه. عندما يصير القلم بندقية والشعر خندقًا للمقاومة، لا تموت القضية أبدًا.

القضيةالفلسطينية: معركة وجود على رقعة التاريخ والذاكرة القضية الفلسطينية ليست صراعًا على أرض فحسب، بل هي معركة وجود على رقعة التاريخ والذاكرة. منذ النكبة، تحول الأدب الفلسطيني من مجرد تعبير عن الألم إلى فعل مقاومة وجودي. لم يكتب الشعراء قصائدهم ليكونوا أدباء فحسب، بل ليكونوا حراس الذاكرة ومُعيدي بناء الوطن بين السطور.

ناجي العلي: النبي البصري لمأساة شعبه

لم يكن ناجي العلي مجرد رسام كاريكاتير، بل كان نبيًّا بصريًا لمأساة شعبه. حوّل القلم إلى مِقْصلة من خلال شخصية “حنظلة”، استطاع ناجي أن يختزل كل الظلم والقهر في صورة واحدة. حنظلة، الذي ظهر لنا ظهرًا كتعبير عن الرفض والعزلة، أصبح أيقونة عالمية للمقاومة السلمية.

محمود درويش: شاعر الأرض والهوية

كان محمود درويش شاعر التفاصيل الصغيرة التي تصنع الوطن. لم يتحدث عن فلسطين ككيان مجرد، بل كأم تطحن القمح، وكزيتونة عتيقة، وكعصافير لا تعرف الحدود. جعل من القضية الفلسطينية قضية كل إنسان يحب، يحلم، ويخاف الموت. قوله الشهير: “على هذه الأرض ما يستحق الحياة”، لم يكن مجرد بيت شعر، بل كان دستورًا للمقاومة بالحياة نفسها.

غسان كنفاني: الروائي الذي حوّل المأساة إلى مشروع ثوري

لم يكتب غسان كنفاني ليحكي، بل ليُنظّر للمقاومة. في روايته “رجال في الشمس”، لم يسأل: “لماذا ماتوا؟”، بل سأل: “لماذا لم يطرقوا جدار الخزان؟”. كان سؤاله استنطاقًا للأمة كلها: لماذا الصمت؟ لماذا القبول بالمذلة؟ لقد حوّل كنفاني الأدب من سرد المأساة إلى فعل تحريضي يدفع نحو التغيير.

أدباء وشعراء آخرون: جيش الورق والحبر

لم يكن هؤلاء وحدهم، بل كان هناك إميل حبيبي بسخرية السوداء التي تكشف التناقض، وسميح القاسم بشعره الذي كان يشبه دوي المدافع، وفدوى طوقان التي جعلت من حب الوطن حبًا أنثويًا قويًا وحانيًا في آن. هؤلاء لم يكونوا مجرد مبدعين، بل كانوا مقاتلين في جيش آخر، جيش الورق والحبر.

الثقافة الفلسطينية: البيت الذي لم يستطع المحتل هدمه

الثقافة الفلسطينية لم تكن رد فعل على المحتل، بل كانت فعلًا تأسيسيًا لوجود بديل عن الوجود المفقود. هي البيت الذي لم يستطع المحتل هدمه، والذاكرة التي لم يستطع حذفها. وها هو أدبهم وشعرهم يثبت يوميًا أن المقاومة بالثقافة هي أشرس أنواع المقاومة، لأنها تحافظ على الحياة نفسها، وتحول الموت إلى قصيدة، والدم إلى حبر، والشتات إلى لوحة، والفقد إلى أغنية تملأ العالم.

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!