المرأة الريفية اليمنية: حارسة التراث والهوية الوطنية

البعث نيوز_ بقلم/ امين احمد الحاج
في الزمن الذي تتقاطع فيه الثقافات وتتسارع فيه موجات التغيير، تبقى المرأة الريفية اليمنية عمودَ الذاكرة الجمعية، ورافعةَ الوعي الوطني وحارسةَ الجمال الذي لا يُستعبد. إنها ليست مجرد ناقلة لتراث مضى، بل هي المعمار الخفيّ الذي شيّد هوية الوطن حجراً فوق حجر، ونغمةً بعد نغمة، حتى صارت الفنون الشعبية مرآةً لروحها، ومرثيةً لماضيها، وأناشيدَ لولادة مستقبلها.
المرأة الريفية اليمنية ليست راويةً لحكايات الجدّات فحسب، بل هي الراوية الكبرى لتاريخ الوعي، التي صاغت من الأغنية ملحمةً، ومن الرقص صلاةً، ومن النقش بياناً في الفلسفة البصرية والوجودية. لقد حملت على كتفيها ذاكرة الحقول ومواسم الزرعة والحصاد، وجلب الماء ورعاية الحيوانات. كانت الأغنية الشعبية التي ترددها في الصباح الباكر ليست ترفاً صوتياً، بل إيقاعَ عملٍ ومقاومةٍ ومعنى.
المرأة الريفية تحرس العادات والتقاليد اليمنية الأصيلة، مثل الأزياء التقليدية والفنون الشعبية، وتساهم في تعزيز الوعي الوطني والانتماء للوطن. من خلال حكاياتها المسائية التي ترويها لأطفالها تحت ضوء القمر، تحفظ القيم الاجتماعية والرموز الأخلاقية، وترسم للوعي الجمعي خريطةَ السير نحو الغد.
من خلال أغانيها وحكاياتها، تساهم المرأة الريفية في تعليم الأطفال القيم الاجتماعية والرموز الأخلاقية، وتحافظ على التراث اليمني الأصيل. تأثيرها واضح في تعزيز الوحدة الوطنية والانتماء للوطن، وتجعل من التراث أداةً لبناء المستقبل.
في النهاية، تبقى المرأة الريفية في كل انحاء اليمن هي ضمير التاريخ، وذاكرة الأرض التي لا تُمحى. هي التي تحرس المعنى، وتغزل الخيط بين الماضي والمستقبل. من أغنيتها تولد الحكاية، ومن حكايتها يولد الوطن، ومن وطنها تولد الأمة العربية. المرأة حارسة التراث ليست عنواناً شعرياً، بل وصفاً لحقيقةٍ وجوديةٍ تقول: إن الوطن التي تنسى نساءها، تنسى نفسها.