مقالات

الموت القادم من البحر… بتوقيع إيراني وصمت دولي

البعث نيوز

بقلم: صفوان سلطان

في ليلة لا شيء فيها يتحرك، إلا ذلك القارب.
صغير، صامت، لا علم له، ولا ملامح على متنه، ولا اسم على جانبيه.
يتقدم بهدوء فوق صفحة البحر الأحمر، لا كصياد يبحث عن رزق، بل كأجير ينفذ مهمة.

لم يكن هناك شِباك ولا محركات صيد، بل صناديق معدنية مصفوفة بدقة.
الصناديق لم تكن تحمل أغذية أو أدوية، بل رسائل… كتبت بالفارسية، ومغلفة برؤوس متفجرة، وطائرات مسيّرة، وصواريخ دقيقة، وأنظمة تتجاوز حدود صعدة واحتياجات اليمن.

عندما فتحت قوات المقاومة الوطنية اليمنية تلك الحاويات، لم تكتشف فقط شحنة تهريب، بل وجدت ما يشبه الوثيقة السياسية:
اسم إيران مطبوع على القطع،
مكونات لا تصنعها أي ورشة يمنية،
ودليل قاطع على أن ما يسمّى “القدرات العسكرية للحوثيين” هو مجرد تغليف محلي لأدوات أجنبية.

هذه ليست أول شحنة، ولن تكون الأخيرة.
لكنها الشحنة التي جاءت في الوقت الخطأ… بالنسبة للحوثي، ولإيران، وللصامتين.

فالعالم، أو هكذا خُيّل له، ظنّ أن “التهدئة” بعد حرب الأيام الاثني عشر ضد ايران ستُثمر، وأن الميليشيا ستتوقف عن التهديد، وأن طهران ستعيد حساباتها.
لكن البحر، كعادته، لا يجامل أحدًا.
من عمقه، خرجت الصناديق شاهدة، لا على “الردع”، بل على التمويل المستمر، والارتهان الكامل، وانكشاف الأكذوبة.

أكذوبة “التصنيع المحلي”،
وأكذوبة “الاستقلال الحوثي”،
وأكذوبة “الميليشيا التي تطورت وصارت ندًّا”.

الحقيقة اليوم تُعرض بالصورة لا بالكلمات:
ميليشيا تُسلّح من الخارج، تُنفّذ بالوكالة، وتستخدم اليمن غلافًا لتصفية حسابات تتجاوز حدود الجغرافيا، والإنسان، وحتى القضية.

الحوثي لم يتطور.
هو ذاته، لم يتغير، بل فقط غيّر أسلوب تسويقه.
لا يزال يتلقى التعليمات، والسلاح، والدعم، ويقاتل لا لأجل اليمن، بل لأجل من يملك مفاتيح مستودعاته.

والمجتمع الدولي، الذي يملأ القاعات والبيانات بدعوات “السلام”،
يعرف تمامًا أن هذا القارب لم يتحرك من تلقاء نفسه،
وأن السلاح لم يُرسل صدفة،
وأن الصمت عن هذا الحدث، هو تواطؤ مع النتيجة.

من هنا، لم تعد المشكلة في الشحنة ذاتها،
بل في البيئة السياسية والأمنية التي تسمح لشحنة كهذه أن تجد طريقها حتى اللحظة.

فماذا بعد؟
هل سننتظر القارب القادم؟
هل سيتحوّل الموت إلى جدول بحري له مواعيد وتواريخ؟
وهل يبقى اليمن ساحة لمن لا يملك قراره، ويُجبر شعبه على دفع ثمن ليس من خياراته؟

خلاصة:

القارب الذي ضُبط مؤخرًا لا يحمل فقط متفجرات، بل يحمل رسائل واضحة:
• أن الحوثي ليس ندًا، بل تابع.
• أن إيران لا تزال تغذّي الفوضى عبر البحر.
• وأن صمت المجتمع الدولي لم يعد بريئًا.

الموت جاء من البحر، لكن هذه المرة،
كان بتوقيع إيراني واضح… وبعلم مسبق من الذين اختاروا أن لا يروا.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!