مقالات

من طهران إلى صنعاء: كيف يؤثر التصعيد الإقليمي على فرص استعادة الدولة في اليمن
؟؟؟

البعث نيوز ـ بقلم / صفوان سلطان

في لحظة فارقة من عمر الصراع الإقليمي، تلقّت طهران ضربات عسكرية مركّزة استهدفت منشآت نووية وأمنية حسّاسة، نُفِّذت بدقة متناهية وبمشاركة إسرائيلية ودعم أميركي غير مسبوق منذ عقود. الضربات، التي تزامنت مع تصعيد ميداني في غزة وجنوب لبنان والبحر الأحمر، شكّلت نقطة تحوّل لا في حسابات طهران فحسب، بل في خرائط التوتر والفرص في المنطقة، وعلى رأسها اليمن.

فمنذ الانقلاب الحوثي في اليمن، لم تكن العلاقة بين جماعة الحوثي وطهران محض تضامن عقائدي أو دعم رمزي، بل علاقة عضوية تقوم على الارتباط الاستراتيجي العميق. فالحوثيون يشكّلون اليوم أخطر أذرع إيران وأكثرها تقدمًا جغرافيًا تجاه العمق الخليجي، وخط تماس مباشر مع أمن البحر الأحمر والممرات الدولية. وبذلك، فإن كل تصعيد يطال طهران لا بد أن يُقرأ أيضًا من بوابة صنعاء وصعدة والحديدة.

ورقة الحوثيين بين الطاعة والمصلحة

جاء رد الحوثيين على التصعيد ضد إيران سريعًا، لكنه محسوبًا بدقة. فقد عبّروا عن تضامنهم الكامل مع طهران، واعتبروا الضربات “عدوانًا على الأمة الإسلامية”، ودعوا إلى ما وصفوه بـ”الجهاد الواجب ضد قوى الطغيان”. بل وذهبوا أبعد من ذلك بإطلاق صواريخ باتجاه إسرائيل ضمن تنسيق رمزي يُظهر التماهي مع محور طهران، لكنه لا يعكس حتى الآن نية واضحة لفتح جبهة عسكرية كبرى.

فالجماعة اليوم، وإن كانت شديدة الالتصاق بالعقيدة السياسية الإيرانية، تدرك أن التصعيد غير المحسوب قد يهدّد مكاسبها في الداخل، ويستدعي ردودًا دولية مباشرة على مراكز ثقلها العسكري. لذلك، فهي تراوغ: تُدين، تُهدّد، تُطلق صاروخًا رمزيًا… ثم تعود إلى وضع الانتظار.

لكن هذا لا يلغي خطورة اللحظة.

اليمن: خطر قائم وفرصة نادرة

التصعيد ضد إيران يمنح اليمنيين، وللمرة الأولى منذ سنوات، نافذة سياسية يمكن استثمارها بعقل استراتيجي. فطهران، المأزومة والمُراقبة، قد تجد نفسها غير قادرة على دعم وكلائها بالطريقة نفسها التي كانت تفعلها في السنوات الماضية. وهذا الضعف المؤقت، إن لم يُقابله تحرك سياسي وطني، قد يضيع كما ضاعت فرص كثيرة قبله.

هنا تبرز مسؤولية الشرعية اليمنية أولاً، ثم القوى الوطنية التي تتشارك معها الأهداف ذاتها. فالمطلوب ليس فقط إصدار بيانات إدانة، أو التعبير عن القلق، بل:

  • إطلاق مسار وطني جامع يقطع الطريق على التوظيف الخارجي للملف اليمني.
  • بناء تحالف داخلي يتجاوز الحسابات الحزبية الضيقة، نحو صيغة شراكة حقيقية تؤسس لاستعادة الدولة.
  • التوجه نحو الداخل اليمني بمشاريع سياسية ومؤسسية تُحرج المشروع الحوثي، وتعيد تسليط الضوء على طبيعته السلالية والتابعة.

بين الرد والصمت: على من تقع المبادرة؟

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!