السعودية واليمن: التاريخ المشترك والدعم الثابت في وجه العاصفة
وقفت السعودية بحزم، وأسست التحالف العربي بقيادتها لاستعادة الشرعية، مؤمنة أن أمن اليمن من أمنها، وأن سقوط صنعاء بيد جماعة موالية لإيران هو سقوط لكل الأمن القومي العربي

البعث نيوز ـ بقلم : فتحي أبو النصر
منذ عقد كامل، لم تتوانَ المملكة العربية السعودية عن دعم الشرعية اليمنية سياسيا، وعسكريا، واقتصاديا، في موقف لا يمكن تأريخ هذه المرحلة من اليمن دونه.
مليارات الريالات السعودية تدفقت لتثبيت دعائم الدولة اليمنية، والوقوف أمام المشروع الإيراني الذي يحاول سلخ اليمن عن محيطه العربي، وتفريغه من هويته.
نعم ، كانت المملكة ولا تزال السند الأوفى لليمنيين في معركتهم ضد الانقلاب الحوثي.
فمنذ اللحظة الأولى لانقلاب الميليشيا المدعومة من إيران في 2014، وقفت السعودية بحزم، وأسست التحالف العربي بقيادتها لاستعادة الشرعية، مؤمنة أن أمن اليمن من أمنها، وأن سقوط صنعاء بيد جماعة موالية لإيران هو سقوط لكل الأمن القومي العربي.
وإن كان الدعم السياسي والعسكري واضحا للعيان، فإن الأهم يكمن في ذلك الدعم الاقتصادي الذي أنقذ الحكومة اليمنية من الانهيار في أكثر من محطة.
منحٌ، وودائعٌ، ومساعداتٌ إنسانية، وصرف للمرتبات، وتمويل لمشاريع البنى التحتية، إضافة إلى دور حيوي للبرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن.
نعم ، لم تترك المملكة أي مجال إلا وسلكته لتخفيف المعاناة عن اليمنيين، في الداخل والخارج، دون منٍّ أو أذى.
وفي القلب من هذا كله، يبرز دور الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد، الرجل الذي لم يتردد في اتخاذ قرارات مصيرية لدعم اليمن وشعبه، في وقت يتوارى فيه العالم خلف بيانات باهتة.
والحق يقال إن محمد بن سلمان، قائد التحديث والتحولات الكبرى في المملكة، لم يكن مجرد راع لتحالف، بل كان وما زال صانعا لتحول استراتيجي في العلاقة مع اليمن، يقوم على العمق التاريخي والمصير المشترك، التاريخي والجغرافي لا على العطف المؤقت أو الحسابات الضيقة.
ويكفي أن نستعيد كلمته الشهيرة: “أصولنا من اليمن”. عبارة تلخص فلسفة المملكة الجديدة تجاه اليمن: فلسفة لا ترى اليمن جارا فحسب، بل جذورا تمتد في الوجدان والتاريخ.
ثم إنها علاقة لا تقتصر على الجغرافيا، بل تتجذر في الهوية، في القبيلة، في اللغة، في الدين، في الحلم العربي الواحد. ولهذا تقف المملكة اليوم بصلابة ضد المشروع الإيراني في اليمن، ليس كطرف سياسي بل كحارس للهوية العربية الجامعة.
والشاهد إن كل الأحزاب اليمنية، بمختلف توجهاتها، تدرك هذه الحقيقة، حتى وإن تباينت مواقفها.
الجميع يعرف أن المملكة هي الرئة الوحيدة التي تتنفس منها الشرعية، وأنه لولا الدعم السعودي، لكان اليمن الآن رهينة كاملة لمشروع الكهنوت الإيراني، الممثل بالحوثيين.
نعم ، كل بندقية وجبة وسلاح ومصروف ومعاش وموقف في صف الدولة اليمنية، فيه من بصمة السعودية كل شيء، ومن بصيرة قيادتها الكثير.
صدقوني: اليمنيون لا ينسون. والتاريخ لا ينسى. سيُكتب في كتب الغد أن هناك دولةً وقفت حين تخلى الجميع، دولةً لم تتعامل مع الأزمة اليمنية كبند تفاوضي، بل كقضية وجود. دولةٌ لم تستثمر في الحرب، بل دفعت من أجل السلام، ومن أجل الدولة، ومن أجل الإنسان اليمني، حتى وهو يعاني من تشتت المواقف الدولية وتواطؤ بعض المنظمات والدول.
بمعنى أدق فإنه في خضم هذا المشهد، لا يسعنا إلا أن نثمّن هذه العلاقة التاريخية، ونؤكد أن السعودية منا ونحن منها. من صعدة إلى المهرة، من صنعاء إلى عدن، من تعز إلى الضالع يدرك الناس حجم الفارق بين من يرسل طائرات الموت، ومن يرسل قوافل الغذاء، بين من يحشد أطفالنا للحرب، ومن يبني لهم مدارس ومراكز صحية.
لنخلص إلى أن اليمن لن تنحني للمشروع الفارسي، لأن فيها من الروح السعودية العربية ما يكفي للثبات، وفي السعودية من الوفاء ما يكفي لكل هذه الجراح.
كذلك شاء من شاء، وأبى من أبى، فإن المملكة هي قائد العالم العربي اليوم، ومحمد بن سلمان هو رائد مشروع عربي نهضوي حقيقي، لا يبني على أطلال، بل يشق طريقه وسط الركام.
وستبقى هذه اللحظة في ذاكرة اليمنيين: لحظة العاصفة، ولحظة الموقف، ولحظة الأخوة الفارقة.


