مقالات

حين يصبح القاتل داعية قومية

البعث نيوز
بقلم : صفوان سلطان

من المضحك المبكي أن تُفتح منابر القومية والوطنية في بيروت، لتُعطى الكلمة لمن اقْتاتَ على لحم أبناء وطنه، وارتوى من دمائهم، ونهب أرزاقهم، وأحال اليمن السعيد إلى مأتم مفتوح على اتساع الجغرافيا.

كيف يمكن لمن فجّر بيوت اليمنيين، وأحرق قراهم، وصادر رواتبهم، وأهان كراماتهم أن يتحدث عن “الكرامة العربية”؟
كيف يعلو صوته في قاعة تتحدث عن “الوحدة” بينما هو من شرذم اليمن إلى كانتونات ومقابر؟

عبدالملك الحوثي الذي يعيش في سردابٍ من الوهم، خرج — عبر شاشةٍ مدفوعة الثمن من قوت الشعب اليمني — ليتحدث عن العروبة والوطنية! وكأن الذئب يعقد ندوة عن رعاية الأغنام، أو كأن الجلاد يحاضر في حقوق الإنسان.

أيُّ قوميةٍ هذه التي يمثلها من جعل من اليمن ساحةً لتصفية حسابات إيران؟ وأيُّ وطنيةٍ تلك التي يتشدّق بها من يوجّه بندقيته إلى أبناء وطنه، لا إلى من يحتلون القدس؟

هنا تكمن المفارقة التي تثير الضحك حدّ الغثيان:
كيف تجتمع خرافة الولاية والإمامة — التي تُنكر حق الأمة في الاختيار وتُسبغ القداسة على الفرد — مع شعارات القومية وحق الشعوب التي تتغنّى بالحرية والسيادة والكرامة؟
من الذي لعب في إعدادات المفاهيم حتى تزاوجت ولاية الفقيه مع الناصرية والقومية وولدت لنا مؤتمرًا مشوّهًا لا يُعرَف له أبٌ ولا أمّ؟
أهو اجتماع الهزيمة الفكرية مع الانتهازية السياسية؟ أم أنه زمنُ الالتباس الذي يجعل الطغاةَ يتحدثون عن العدالة، والعملاءَ عن الاستقلال، والجلادين عن الحرية؟

المؤتمر الذي جمع كلّ هذا الخليط العجيب ليس ملتقى للأفكار، بل قاعة خلط جيناتٍ سياسية فقدت القدرة على التمييز بين الحلال والحرام الفكري، بين القومية كفكرة تحرّرية، وبينها كيافطة تُستعمل لتبرير الاستبداد والتبعية.

من لم يكن خيرًا لشعبه، لن يكون خيرًا للآخرين.
ومن لا يعرف قيمة الإنسان في وطنه، لن يعرف معنى الأمة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!