في ذكرى تأسيس المؤتمر الشعبي العام: من مبدأ الشراكة إلى معركة المصير

البعث نيوز
بقلم : صفوان سلطان
في مثل هذا اليوم من عام 1982 تأسس المؤتمر الشعبي العام، كإطار سياسي جامع احتضن مختلف القوى والتيارات والشخصيات الوطنية في محاولة لرسم ملامح شراكة وطنية تعزز قيم الجمهورية وتكرّس مبدأ المشاركة السياسية. لم يكن المؤتمر في بداياته حزبًا تقليديًا بالمعنى الضيق، بل مظلة جمعت مشايخ وقوى سياسية وقومية ويسارية وإسلامية، في خطوة لاحتواء التنوع السياسي والاجتماعي اليمني ضمن مشروع الدولة.
ومع قيام الوحدة اليمنية عام 1990، وجد المؤتمر نفسه في قلب التحولات الكبرى، حيث كان شريكًا أساسيًا في صناعة هذا الحدث التاريخي. وقد جاءت بعدها محطات كثيرة؛ منها ما اختلفنا معه فيها بشدة، ومنها ما اتفقنا حولها على أنها مثّلت لحظات وطنية فارقة. وهذا الاختلاف والاتفاق مع المؤتمر إنما يعكس طبيعته كحزب واسع التأثير والحضور، ارتبط بمسار الدولة اليمنية لعقود طويلة.
لكننا اليوم أمام واقع مختلف. فنحن لا نقف فقط على أعتاب استحقاق تاريخي، بل أمام عدو أزلي يتربص باليمن كله، عدو لا يواجه المؤتمر الشعبي وحده ولا القوى السياسية فقط، بل يستهدف الشعب اليمني برمته، يسعى لاستعباده وإخضاعه تحت مشروع سلالي كهنوتي دخيل على قيم الجمهورية والوطن. ذلك العدو هو الميليشيا الحوثية التي تريد اختطاف مستقبل اليمنيين وطمس هويتهم.
ومن هنا، فإن مسؤولية قيادة المؤتمر الشعبي العام، كما سائر الأحزاب والمكونات السياسية، تكمن في توحيد الجهود وتجاوز خلافات الماضي، والانطلاق نحو مشروع وطني جامع يعيد للدولة حضورها، ويحرر الوطن من قبضة الميليشيا. فالمعركة اليوم لم تعد معركة حزب ضد حزب، أو مكون ضد آخر، بل هي معركة الشعب اليمني بأسره لاستعادة حريته وكرامته وحقه في العيش تحت سقف دولة مدنية حديثة.
إن مستقبل اليمن يتوقف على قدرتنا جميعًا على رسم ملامح الجمهورية الجديدة، الجمهورية التي يتوق إليها اليمنيون بعد سنوات طويلة من الصراع والمعاناة والانقسام. جمهورية تقوم على مبادئ المواطنة المتساوية، والعدالة، وسيادة القانون، والتداول السلمي للسلطة. وهذه هي الرسالة التي ينبغي أن تلتف حولها كل القوى السياسية، وفي مقدمتها المؤتمر الشعبي العام، الذي يحمل اليوم عبء تاريخه الكبير وفرصة إعادة التأسيس من جديد ضمن شراكة وطنية واسعة.
إنها لحظة الحقيقة، إما أن نتجاوز الماضي بكل ما فيه من خلافات وتجاذبات، وإما أن نترك الوطن لقمة سائغة في يد مشروع كهنوتي ظلامي لا يؤمن بالجمهورية ولا بالشراكة الوطنية. وآن الأوان أن نختار الطريق الذي يستحقه شعبنا: طريق الدولة المدنية الحديثة، والجمهورية الجديدة التي تحمي الوطن وتفتح أمام أجياله القادمة أبواب السلام والازدهار.


