لنبدأ صفحة الوطن: عدونا واحد واسمه الحوثي

البعث نيوز ـ بقلم
صفوان سلطان
في زمنٍ تتشظّى فيه الجغرافيا، وتتوزّع فيه النوايا، ويشتد فيه التآكل من الداخل، لا يحتاج العدو إلى كثير من الذكاء. يكفيه أن يتقن الإصغاء لشروخنا، ويراقب ثاراتنا الصغيرة، ويبتسم بينما نحن نمارس هواية جلد بعضنا البعض… ونظن أننا نُنقذ الوطن.
كفى…
لقد طال السُبات، واستفحل التيه، وبات من المعيب أن نظل نناور ببعضنا بينما عدو الوطن الحقيقي يقتلنا جميعًا، ولا يميّز بين صالح ولا خصمه، بين شيخ قبيلة ولا شاب في الحي، بين إصلاحي ولا ناصري، بين مؤتمر ولا مستقل، بين اشتراكي و جنوبي او شمالي.
الحوثي لا ينتصر بالسلاح فقط… بل بخلافاتنا…
لسنا أمام عدو تقليدي. الحوثي ليس مجرد ميليشيا تحمل السلاح، بل هو مشروع استبدالي يسعى لاجتثاث كل ما له علاقة بالدولة والجمهورية والمواطنة.
إنه يعيش على دمائنا، ويتغذى من صراعاتنا. كلما اقتربنا من بعضنا البعض، ارتبك؛ وكلما ابتعدنا عن بعض، تمدد مطمئنًا.
هو لا يهتم بمن يربح الجدل على “تويتر”، ولا من يسيطر على مقر حزبي هنا أو هناك. ما يعنيه فقط أن نظل نكسر بعضنا، لكي يبقى هو ثابتًا على خرابه.
لا ثأر بيننا… الثأر لليمن
لسنا في معركة تصفية حسابات تاريخية بين تيار وآخر. لسنا في ميدان النكايات ولا توزيع صكوك الوطنية. من سقط برصاص الحوثي لم يكن رجلًا واحدًا بل وطن وشعب تاه في شعاب الصراع بين خلافات التيارات الوطنية.
من واجه الحوثي وارتقى شهيدًا، سواء كان من أنصار صالح أو من خصومه السابقين، فهو ابن هذا الوطن وله ثأر في رقبة المشروع الحوثي.
دعونا لا نُضيّع هذا الثأر في دهاليز التحامل والمكايدة.
هذه لحظة اصطفاف لا اختبار…
نحن بحاجة إلى لحظة سياسية شجاعة… لحظة تتجاوز الذاكرة الجريحة دون أن تمحوها، وتتجه نحو المستقبل دون أن تُعادي الماضي.
اليمن اليوم لا تحتاج إلى خصوم جدد، بل إلى شركاء في إنقاذها. ومن يرفض الحوثي كفكرة وسلاح ووصاية، هو حليف موضوعي – بغض النظر عن اسمه وتاريخه.
من أراد بناء المستقبل فليُسقط عن كتفه عبء الأحقاد…
ليست الدولة عدوًا لأحد، الوطن ملكٌ للجميع. وليست الجمهورية حكرًا على فصيل دون غيره. من آمن بالمواطنة وبالحق في الاختلاف، وبالاحتكام للصندوق بدل السلاح، فهو أهلٌ ليكون جزءًا من المعركة.
أما من ظن أن الحوثي عدو لخصومه فقط، فليتذكر أن الحوثي حين عاد إلى صنعاء لم يفرّق بين أحد. قتل من ناصرهم ذات يوم، وسجن من تفاوض معهم، وأهان حتى مَن مدّ له يده.
فلنُسدد سهامنا إلى صدر العدو الحقيقي…
دعونا نتفق على شيء واحد فقط:
لن نوجّه رصاصة واحدة إلى صدور بعضنا، بل سنُفرغ ذخيرة بنادقنا في صدر الحوثي.
لسنا في زمن الترف السياسي. نحن في زمن البقاء الوطني. وكل لحظة نستهلكها في جلد بعضنا، هي لحظة حياة إضافية يمنحها الحوثي لمشروعه الكارثي.
فلنُجمع على العدو ونستعيد الوطن، ولندع التاريخ يحكم بعد النصر.


