اليمن وكابوس التشضي وضياع الدولة

البعث نيوز ـ بقلم
امين الحاج
يواجه اليمن اليوم أخطر تحدٍ يهدد وحدته الوطنية وأمنه السياسي وهي ظاهرة تشظي الدولة وتعدد الحكومات وسلطات الأمر الواقع بشكل يقوض أسس الدولة ويهدد نسيجها الاجتماعي
ان استمرار هذا الانقسام وهذا التشضي وهذه الفوضى السياسية تدفع البلاد نحو مسار الانهيار والتفكك ويهدد كيان اليمن كدولة موحدة ذات سيادة.
إن وجود حكومتين وعملتين و أكثر من سلطة أمر واقع يتصارعون على السلطة يعمق من حالة الانقسام الداخلي ويشعلون نيران الفتنة والانقسامات الجغرافية استمرار هذا الصراع وهذه الحالة لأكثر من عقدآ من الزمن كان ولايزال السبب الرئيسي وراء هذا الانهيار الشامل والتفكك الجغرافي وما يخشاه اليمنين هو ان يصبح غدآ واقعًا مرعبًا يهدد مستقبل الأجيال وأمن المنطقة بأكملها.
هذه الأزمة ليست مجرد خلافات سياسية عابرة بل هي خطر داهم يهدد وجود اليمن كدولة موحدة ويفتح الباب أمام سيناريوهات كارثية منها تقسيم البلاد والدخول في دوامة من الصراعات المسلحة المستمرة التي ستضاعف معاناة الشعب وتقوض أي فرصة لتحقيق السلام الاستقرار والتنمية لذا فإن الخطر الذي يفرضه هذا التشرذم يتطلب من جميع القوى السياسية والمجتمعية المدنية ومؤسسات وشعب أن يقفوا صفًا واحدًا للتصدي لهذا التهديد والعمل على الحرص على وحدة اليمن من خلال إعادة توحيد كل الجهود نحو مستقبل قائم على السلام والديمقراطية.
وفي ظل هذا المشهد المأساوي يصبح من الضروري أن نعي أن استمرار هذا الانقسام هو بمثابة انهيار تدريجي لن يترك من اليمن إلا رمادًا.
الحل الوحيد للخروج من هذه الأزمة هو تمسك القوى السياسية والمجتمعية بدستور الجمهورية اليمنية من إعادة ترتيب البيت اليمني على أسس الوحدة الوطنية والتمسك بمبادئ الديمقراطية التي تمثل الطريق الأوحد لتحقيق استقرار دائم يضمن حياة كريمة لكل مواطن يمني
من خلال العودة لمسار الديمقراطية: الخيار الوحيد للخروج من الأزمة ويحافظ على وحدة الوطن وسيادتة
هذا هو السبيل الوحيد الذي يمكن أن يعيد لليمن استقرارها ويعيد الثقة بين الشعب ومؤسساته.
الديمقراطية ليست مجرد نظام سياسي بل هي فلسفة حياة تضمن مشاركة جميع فئات المجتمع في صنع القرار وتحمي حقوق الجميع وتوفر بيئة تضمن العدالة والمساواة.
إعادة بناء المؤسسات الديمقراطية وإفساح المجال للانتخابات الحرة والنزيهة وتعزيز دور المجتمع المدني وتوفير الحماية لحقوق الإنسان، كلها خطوات ضرورية لتمكين اليمن من تجاوز أزمته الراهنة. كما أن استعادة الثقة في النظام السياسي والابتعاد عن المحاصصة والانقسامات هو ما سيضمن استقرار البلاد ويضع حدًا للأزمات المتكررة.
وهذا لن يتحقق إلا من خلال إيقاف الحرب: المفتاح الأساسي لتحقيق السلام والتنمية
لا يمكن الحديث عن الاستقرار والتنمية في اليمن في ظل استمرار الحرب والصراعات المسلحة التي أودت بحياة الآلاف، وأدت إلى نزوح الملايين وتدمير البنى التحتية، وتفشي الفقر والجوع وانعدام الخدمات الأساسية الحرب ليست فقط نزاعًا عسكريًا، بل هي كارثة إنسانية تفتك بحياة المواطنين، وتزيد من معاناة الأطفال والنساء، وتدمر مستقبل الأجيال القادمة.
إن إيقاف الحرب هو أولوية قصوى لأنه يمثل المدخل الحقيقي لتحقيق السلام الدائم والاستقرار وهو الشرط الأساسي لبدء عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية. لا يمكن لأي شعب أن ينهض ويحقق تقدمًا في ظل نزاعات مسلحة مستمرة، أوضاع أمنية غير مستقرة، وبنية تحتية مدمره
نحن نؤمن بأن الحلول السياسية والدبلوماسية هي السبيل الوحيد لإنهاء النزاعات وأن على المجتمع الدولي والإقليم والأطراف المعنية يجب أن تتوحد لدعم جهود السلام، والعمل على تنفيذ الاتفاقات التي تضع حدًا للأعمال العدائية، وتضمن مشاركة جميع الأطراف في عملية السلام.
وعندما نتحدث عن اليمن لا يمكن أن نتجاهل معاناة شعبه، الذي يعيش معظم تحت خط الفقر المدقع، والمرض، والجوع، مع انعدام كامل للخدمات الاساسية ونعدام كل مقومات الحياة الكريمة. يعيش ملايين السكان في كل ربوع اليمن في ظروف مأساوية، حيث يفتقر اليمنين إلى الحصول على الأدوية، والكهرباء، والمياه النظيفة، والمواد الغذائية الأساسية. والغلاء إلى جانب انقطاع رواتب موظفي الدولة خلق قد ضاعف معانات كل الموظفين المدنيين والعسكريين وخلق أنين ومعانات في كل بيت الكثير من الأسر
الأطفال يتضورون جوعًا، والنساء يعانين من نقص الرعاية الصحية وكبار السن يواجهون الموت من دون أدنى رعاية. الأوضاع الاقتصادية المتدهورة، والبطالة المتفشية، وغياب فرص العمل
هذه المعاناة تتطلب استجابة عاجلة من المجتمع الدولي والعمل على توفير المساعدات الإنسانية، وإعادة تأهيل النظام الصحي، وتوفير فرص العمل، وتحسين الخدمات الأساسية. ولكن، الأهم من ذلك، هو العمل على إيقاف الحرب، لأنها السبب الأول في تدمير حياة الناس ومستقبل البلاد.
في ظل هذه الظروف الصعبة، يحثنا التاريخ والطبيعة الإنسانية على ضرورة تعزيز الوحدة الوطنية والتضامن مع الشعب اليمني الذي عانا طويلًا من الانقسامات والصراعات، الكل مدعو اليوم إلى توحيد صفوفه والعمل على نبذ الخلافات، والابتعاد عن الانقسامات التي تفرضها “الحكومتان” وسلطات. الأمر الواقع والتي تزيد من معاناة الوطن والمواطن إن الوحدة ليست شعارًا فقط، بل هي ضرورة ملحة لضمان تجاوز الأزمة الراهنة، وبناء مستقبل يعلي من قيمة السلام والتنمية والعدالة. علينا أن نتذكر أن اليمن واحد، وأن مصالحه فوق كل اعتبار، وأن وحدتنا هي الضمان الحقيقي لمستقبل أجيالنا.
الدور الإقليمي والدولي: دعم السلام والتنمية
المجتمع الإقليمي والدولي يلعب دورًا حاسمًا في دعم اليمن للخروج من أزمته. على المجتمع الدولي أن يضغط على كل أطراف الصراع الداخلي والخارجي أن يدعم كل الجهود الرامية إلى تحقيق السلام والاستقرار وان يضغط من أجل وقف الحرب وإطلاق عملية سياسية شاملة تضم جميع الأطراف.
كما أن الدعم الإنساني ضروري لمساعدة الشعب اليمني على تجاوز محنته من خلال تقديم المساعدات العاجلة وتعزيز برامج التنمية، ودعم الإصلاحات الاقتصادية، وتوفير فرص العمل، وتحسين مستوى المعيشة.
ختامًا فإن اليمن يمر بمرحلة حاسمة، تتطلب من كل أبنائه وأصدقائه وأشقائه، في الداخل والخارج، العمل المشترك من أجل استعادة مسار الديمقراطية، ووقف الحرب، وتحقيق السلام والتنمية.
لسنا بحاجة إلى حكومتين ولا لعملتين ولا لسلطات الأمر الواقع الشعب يحتاج إلى أن يعيش أولًا بتوفير ضروريات الحياة وهذا ما لا يدركه كل من هم في قمة هرم الحكومتين ولا كل من يسعون لتأسيس سلطات أمر واقع موازية إن العودة إلى مسار الديمقراطية، وإيقاف الحرب، وإعادة بناء المؤسسات وتوفير الحياة الكريمة للمواطنين هو الطريق الوحيد لتحقيق السلام والاستقرار والتنمية المستدامة في اليمن. شعبنا العظيم يستحق حياة كريمة ومستقبلًا مشرقًا، يليق بتاريخ أجداده، ويضمن لأجياله القادمة حقوقها في العيش بكرامة وحرية.
امين احمد الحاج


