مقالات

عندما يصمت الفن ويعلو صوت الضمير

البعث نيوز ـ بقلم م/ امين الحاج

لقد كان للأدب وللفن الدور الحاسم في قيادة الوعي الجمعي نحو الأمل والإنساني وخصوصآ في لحظات التحول الكبرى التي تمر بها الشعوب حيث لا يُنتظر من الأغنية أو القصيدة أن تصفّق للرصاص أو أن تروّج للانتقام والكراهية بل إن تاريخ الفنون عبر العصور ارتبط جوهريًا بدعوة الناس إلى السلام والوئام ومجابهة الظلم بالكلمة الحرة والخيال الجميل ولكن في المشهد في اليمن الراهن يحدث العكس
لقد خذل كثير من الفنانين والشعراء اليمنين رسالتهم الإنسانية إما بالصمت المريب أو بمشاركة مباشرة أو غير مباشرة في ترويج خطاب الحرب والانقسام لقد بدا واضحًا أن جزءًا كبيرًا من الوسط الفني انساق وراء الاستقطاب السياسي أو الطائفي أو المذهي فتحولت الأغنية التي وُلدت من رحم الشعب لتعبر عن آلامه، إلى أداة تأجيج وتحريض وتضليل وما زاد الطين بلة أن هذا الصمت أو التواطؤ تزامن مع أسوأ كارثة إنسانية تمر بها البلاد بحرب أهلية عبثية أسهمت في تمزيق للنسيج الاجتماعي وتفكك وطني مريع إلى نزوح وتهجير قسري للكثير من أبناء اليمن أن نزوح داخلي إزالة الخارج
فهل حان الوقت كي يتقدم الأدب السياسي ليملأ هذا الفراغ؟ وهل يمكن للكلمة السياسية الواعية الصادقة المرتبطة بالوجدان الشعبي أن تتحول إلى مشروع مقاومة للكراهية والاقتتال؟ الجواب بالتاكيد نعم وبكل قوة. ان الأوان للأدب السياسي أن ينهض لمواجهة خطاب الكراهية
لقد أنتج الكثير من االادبار والشعراء تاريخ النضال السياسي في اليمني أدبًا عميقًا متجذرًا في هموم الناس ورافضًا للاضطهاد والطغيان الكثير من الأشعار
الأدب والإبداع لم يكنا يومًا محايدين أمام القهر أو الحروب بل وقفا في وجه السلطوية ودافعا عن إنسانية الإنسان وفضحا خطابات الكراهية المقنّعة بالدين أو المذهب أو الطائفة المناطقية في ضل هذا الانهيار القيمي للفن التجاري والتصحر الروحي لقطاع واسع من الساحة الفنية
آن للأدب السياسي أن يعود إلى منصته الطبيعية أن يكتب شعراؤه ومثقفوه ومغنوه أغنيات للسلام للضحايا للأطفال الذين فقدوا الأمل، وللنازحين الذين يعبرون الحدود حاملين وطنهم في حقائب الذكريات آن لهم أن يصوغوا رسائل الحب ضد القتل والفساد والتجويع والتعطيش وأن يفضحوا بلغة شعرية راقية تفضح كل خطابات التحريض الإعلامي والفتاوى الدموية واللزوامل والأناشيد المسمومة التي تُبث من منصات وقنوات تجار الحروب المستفيدين من استمرار هذه الأوضاع المأساوية الذي يعيشة معظم ابنا الشعب اليمني في كل أرجاء اليمن الممزق.
ليس مطلوبًا أن يكون الأدب والإبداع تابعين لأي حزبآ أو تيار سياسي بل يجب أن يكونا منحازين للضمير الوطني أدب وإبداع يقفا ضد الحرب والفساد بصوت مرتفع ويُعريا الكراهية مهما كان لباسها ويُعيد للفن روحه الثائرة النبيلة لقد صمت الفنانون فليتكلم الأدباء لقد هتف البعض للحرب وخضع لحكم الفساد والاستبداد فليغنّ الشعراء للسلام
إننا نؤمن بأن الكلمة ما زالت تملك قوتها وما زال بإمكان قصيدة أن تغير وأغنية أن توحد ومقال أن يوقظ فلتكن البداية من هنا من أدب لا يخشى قول الحقيقة ولا يتاجر بدماء الناس بل يصنع جسورًا نحو الوطن الممكن وطن تتعانق فيه الكلمات بدلًا من أن تتصادم البنادق

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!