حين تخرُّ المليشيا ساجدة في محراب الأمم المتحدة!!
البعث نيوز ـ فتحي أبو النصر
في مشهدٍ كوميدي رديء الإخراج، خرج علينا محمد السلام، مسؤول الملف الحوثي و”الناطق الرسمي للمشاورات” -هكذا يسمونه– بتغريدة منتفخة بالوهم، ليخبرنا أنهم “التقوا صباح اليوم بالمبعوث الأممي إلى اليمن وفريقه”، وناقشوا الأوضاع السياسية والإنسانية و”سبل تجنب التصعيد والعودة لمسار السلام”! بالله عليكم، من يصعد؟ من يزرع الألغام كأنها زهور في دروب الفقراء؟ من يقصف، يخطف، ينهب، ويمنع الرواتب؟
لكن لا عجب، فكلما اشتد الخناق على رقاب المليشيا، وأحست بارتجاج عروشها الطائفية، لجأت إلى صنمها المفضل: أسطوانة السلام المشروخة. يا سلام! متى كان للكهنوت عهد بسلام؟ ألم يكن “السلام” لديهم دوما يعني “استراحة محارب” قبل العودة بنهم أكبر إلى سفك الدماء؟
طبعا الأمم المتحدة، بدورها، تتعامل مع الحوثيين كما يتعامل مُدرّب السيرك مع النمر الكسول: تُرمي له قطعة لحم سياسية صغيرة، علّه يؤدي خدعة جديدة. يبتسم المبعوث، يُصافح، يلتقط الصور، ثم يكتب تقريرا مليئا بالكلمات الفضفاضة: “بوادر إيجابية”، “أجواء بناءة”، “التزام مبدئي”، فيما القرى تُقصف، والناس يموتون.
أما الح..وثي، فقد فهم اللعبة جيدا. يعرف أن العالم يحب المظاهر. فيجلس أمام المبعوث كأنما هو غاندي العصر، بينما خلف ظهره يقف قناص ينتظر رأس طفل في تعز.
فيا محمد السلام، لو كنتم تؤمنون بالسلام، لرفعتم الحصار عن تعز قبل أن تكتبوا التغريدة. لو كنتم جادين في الإنسانية، لما احتجزتم شاحنات الغذاء وقطعتم عن الناس الرواتب والهواء. كفوا عن تقمص دور الحملان، وأنتم ذئاب في جلابيب شعرية.
ثم أي مشاورات هذه، وأنتم لا تعترفون أصلاً بالحكومة الشرعية ولا بالدولة؟ تتفاوضون كأنكم قوة شرعية، بينما أنتم مجرد مليشيا انقلابية بلهاء تتزين بخرافة النسب وعمامة التسلط.
صدقوني وفي النهاية، سيخرج علينا المبعوث الأممي، كعادته، بابتسامة دبلوماسية، يُوزعها بالتساوي على الجلاد والضحية، وكأن الحياد الأممي يعني إرضاء القاتل، وتوبيخ المقتول لأنه لم يبتسم أثناء موته.!
المهزوم فقط من يلهج بالسلام وهو ينهار. وال..حوثي الآن يرتجف أمام تحولات الداخل والخارج، فيتوسل هدنة، لا ليصنع سلاما، بقدر ما يعمل على استجماع أنفاس الخراب من جديد.
لكن هذه المرة، حتى “الأسطوانة المشروخة”… صارت لا تُشغّل يا محمد عبد السلام.
