عشرية سوداء………… على الاقتصاد اليمني

البعث/ متابعات
عشرة أعوام كاملة، منذ اجتياح مليشيا الحوثي للعاصمة صنعاء، وإشعال حرب مستعرة في البلاد ألقت بآثار وتداعيات كارثية على كل شيء، لا سيما الاقتصاد الوطني، الذي شهد انهياراً مريعاً وخلف ما تصفه المنظمات المحلية والدولية والأممية بأسوأ أزمة إنسانية في العالم.
عشر سنوات استنزفت خلالها الاحتياطيات النقدية، وتوقفت المنح الدولية والمساعدات وصادرات النفط، ما أدى إلى انكماش الاقتصاد الوطني إلى النصف، وانعكس سلباً على الأسر التي تقول جميع المؤشرات إنها فقدت مصادر دخْلها مع ارتفاع أسعار المواد الغذائية وزيادة معدلات التضخم وتراجع الواردات الغذائية
وأسفرت سنوات حرب الحوثيين العشر عن أسوأ أزمة إنسانية في العالم وفق التقارير الدولية، حيث يعاني اليمنيون اليوم من تدهور الوضع الاقتصادي وزيادة آثاره من الجوع والمرض والعوز والضعف الشديد، إضافة إلى تدمير البنية التحتية والضغط على الخدمات الأساسية في عدد من المحافظات، بفعل موجات النزوح مما عكس نفسه على الحماية الاجتماعية.
وطبقا لتقارير الأمم المتحدة فإنه في حال استمرار هذا الوضع ستصنف اليمن مستقبلاً كأفقر دولة في العالم، ولقد ظهر ذلك جليا في معدل الفقر في البلاد، ففي العام 2019م بلغت نسبة الفقر 75%، 23,3 مليون من السكان. فيما قدرت في عام 2022م، بـ 79 % وفي حال استمرار الحرب الى 2030م، فيتوقع أن ترتفع النسبة إلى 88 % أي ما يقابل 34,1 مليون من السكان بحسب تقديرات الأمم المتحدة.
ويشير تقرير الجهاز المركزي للإحصاء، إلى أن أكثر من نصف الأسر فقدت دخلها فعلياً منذ عام 2015، كما أدى ارتفاع أسعار السلع الأساسية، إلى تآكل القوة الشرائية وتقهقر المداخيل وانعدام الأمن الغذائي.
ظل الاقتصاد الوطني على مدى العقود الماضية، يعاني من اختلالات عميقة، في البناء المؤسسي، والهياكل الاقتصادية للدولة، فضلاً عن تفشي الفساد وانعدام الشفافية، وغياب مبدأ المساءلة، بيد أن ما تعرض له منذ أواخر العام 2014م، كان له تداعيات كارثية على تعطيل كثير من القطاعات الحيوية، والصادرات اليمنية، لا سيما صادرات النفط والغاز.
ونتيجة لتلك التداعيات، فقد تأثرت المالية العامة للدولة بشكل بالغ، في ظل استمرار تعطيل الصادرات وتشتت الموارد المحلية، وصعوبة وصول الحكومة اليمنية إلى كثير منها.
وأثرت الاختلالات، التي تعرضت لها مالية الدولة على الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في البلاد، وتدهور الأوضاع المعيشية، وارتفاع معدلات الفقر والبطالة والجوع في أوساط الشعب. أضف إلى ذلك أن الاختلالات الهيكلية التي تعاني منها المالية العامة للدولة أضعفت قدرتها في القيام بوظيفتها التنموية والاجتماعية تجاه أبناء الشعب.
وكان من أبرز العوامل التي ساهمت في ضعف مالية الدولة، تراجع الصادرات اليمنية بشكل قياسي، منذ بدء الحرب، وتوقف الدعم والمنح الخارجية، مع تراجع نشاط القطاع الخاص، وحدوث الانقسام النقدي والمصرفي الذي فرضته جماعة الحوثي.
دخل الاقتصاد اليمني مرحلة الانكماش المتطاول منذ عام 2014، وبلغ ذروته في عام 2015 على نحو غير مسبوق، إذ أصيب الاقتصاد بشلل شبه تام وخسر أكثر من نصف ناتجه المحلي المحتمل، نتيجة توقف جزء كبير من الأنشطة الاقتصادية في القطاعات العامة والخاصة، وتوقف البرامج الاستثمارية الحكومية، بما فيها الممولة خارجيا نتيجة تعليق تمويلات المانحين، فضلا عن توقف جزء كبير من الاستثمارات الخاصة، وانسحاب أغلب المستثمرين الأجانب، وخروج نسبة كبيرة من رأس المال المحلي إلى الخارج للبحث عن ملاذات آمنة، وتوقف صادرات النفط والغاز الطبيعي، وانخفاض الإيرادات الحكومية غير النفطية من الجمارك والضرائب.
وبلغ الانكماش التراكمي في الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي عام 2020 بنسبة 50 %عن حجمه في عام 2014، وقدرت الخسائر الاقتصادية التراكمية بحوالي 126 مليار دولار جراء تراجع النمو الاقتصادي خلال الفترة 2014 – 2021.
ونتيجة لذلك، تراجع نصيب الفرد من الناتج القومي الإجمالي من 1193 دولاراً عام 2014، إلى 364 دولار بسعر الصرف الموازي عام 2019، وبمعدل تغير تراكمي بلغ – 5.69% مما يعني انزلاق مزيد من السكان تحت خط الفقر وتزايد حدة الأزمة الإنسانية
