مقالات

الضربة الإسرائيلية لإيران… حين تطايرت أوهام الهيمنة مع غبار النيران

البعث نيوز ـ بقلم: صفوان سلطان

في فجر غامضٍ كصمت المقابر، اخترقت الطائرات الإسرائيلية السماء الإيرانية، وأمطرت منشآت نطنز وأصفهان بوابلٍ من النيران، فاشتعلت الأرض، وتطايرت معها أحلام لطالما حيكت في الظلام.

لقد تطايرت أمام الإيرانيين أوهام السيطرة على المنطقة، كما تطايرت بقايا تلك المباني التي كانت تُصاغ فيها خطط تمزيق الأمة العربية من صنعاء إلى بغداد، ومن بيروت إلى غزة. ضربة واحدة قلبت الموازين، وهزّت عمق نظامٍ طالما ظنّ أن تهديده يمكن أن يظل آمنًا تحت عباءة التفاوض النووي أو داخل كهوف الوكلاء.

رسائل نارية بأجنحة السياسة

هذه لم تكن مجرد عملية عسكرية، بل كانت رسالة ملتهبة محمولة على أجنحة الصواريخ، فحواها أن إسرائيل لم تعد تكتفي بالتحذير، وأن طهران لم تعد بمنأى عن الحساب. لكن ما خفي في هذه الرسالة أعظم: الداخل الإيراني المرتبك، والمشروع الإقليمي المتصدع، والدور المتآكل الذي بدأ يذوب تحت ضوء الصواريخ الذكية.

في تل أبيب، وجد نتنياهو في هذه الضربة خشبة خلاص من مستنقع غزة وغضب الإسرائيليين. أما في طهران، فوجد الملالي أنفسهم بين مطرقة الهيبة المهدورة وسندان الرد المحدود، فتحدثوا بلغة النار، ولكن أيديهم ارتعشت حين اقتربت من الزناد.

المنطقة بين القلق والترقب

انهزّت الجغرافيا السياسية كلها. الجو أُغلق، البحار ارتجفت، والعواصم تحسّست حدودها. الدول الكبرى أطلقت المواقف بميزان الذهب. البعض دعم، والآخر دان، ولكن الجميع كان خائفًا من المجهول القادم.

أما أدوات إيران المنتشرة في المنطقة – كالأفاعي التي تنتظر حركة في الرمل – فبدأت تبحث عن ثغرة لتُظهر ولاءها. وقد يكون اليمن أحد هذه المنافذ.

اليمن… الأرض التي أرهقتها الحسابات الخارجية

في اليمن، لم يكن غريبًا أن تواكب بعض الأبواق الحوثية الضربة بلغة الثأر، وكأنها توكلت نيابة عن طهران في الرد. لكن الحقيقة أن هذه الضربة تُضعف ظهر الحوثي أكثر مما تقويه، وتكشّف هشاشة ارتباطه بمشروع بدأ يتآكل تحت الضربات الإسرائيلية، وتحت وقع العقوبات الغربية، والغضب الشعبي الإيراني.

هنا، على أرضنا اليمنية، حان الوقت لندرك أن إيران أصبحت مشغولة بترميم جدرانها المتصدعة، ولن تقدر على تمويل وهم دائم في صنعاء. وإن لم نتحرك نحن كيمنيين، ونعيد بناء صفنا السياسي ونحسم خيارنا في استعادة الدولة، فإننا نكون قد ضيعنا فرصة تمر كالشهاب، ولا تعود مرتين.

إن اللحظة مؤاتية، والنظام الإيراني بات منكشفًا، ومعسكراته مهزوزة، وقياداته في موقف دفاعي. فهل ننتظر، أم نغتنم؟ هل نراقب، أم نبادر؟ تلك هي الأسئلة التي لا يجيب عنها الوقت، بل يجيب عنها الفعل السياسي الواعي.

ختامًا… لسنا مع أحد، بل مع اليمن

نحن لا نُهلّل لحربٍ، ولا نحتفل بدمارٍ، ولا نُصفق لعدوانٍ من طرف على طرف. فلسنا مع هذا ولا ذاك، ولسنا بيادق في معركة لا نملك قرارها.

نحن نقولها كما قالها من قبلنا:
اللهم اضرب الظالمين بالظالمين، وأخرجنا من بينهم سالمين، منصورين، حافظين لوطننا، مؤمنين بحقنا في حياة كريمة حرة خالية من الاستعباد والهيمنة.

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!