عودة الصوت السياسي وسط صمت مطبق ؟؟؟؟؟؟

البعث نيوز ـ بقلم: صفوان سلطان
في زمنٍ بدا فيه المشهد السياسي وكأنه صفحة مهجورة، وسط صمت طويل خيّم على قوى كان يُفترض أن تكون صوت المواطن، خرج “التكتل الوطني للاحزاب و المكونات السياسية” في الرياض كخطوة جريئة لإعادة العمل السياسي إلى واجهة الفعل، لا إلى هامش التصريحات.
لم يكن ظهور التكتل محاولة لاحتكار دور أو منافسة أحد. لم يرفع شعارات فوق رؤوس الآخرين، بل حمل قضية واضحة لا تحتمل التأويل: إنهاء الانقلاب الحوثي واستعادة مؤسسات الدولة. تحرك لا لإثبات وجود، بل لسد غياب أليم، واستعادة توازن مفقود في معادلة السياسة اليمنية.
لكن كما هو متوقع، فإن كل تحرك جاد يُقابل من بعض الأوساط بقلق صامت، وردود فعل غير معلنة، وكأن البعض استأنس الصمت وارتاح للسكون حتى بات أي صوت مختلف يوقظ هواجسهم. بعض الردود لم تأتِ بصيغة النقد البناء، بل بلمزات تعبّر عن خشية دفينة من أن يُعيد هذا التحرك فتح ملفات طال صمتها أكثر من اللازم.
التكتل لم يأتِ ليعلو على أحد، بل أتى ليُنصت لما لم يُسمع منذ سنوات. نقل صوت اليمنيين الذين سحقهم الانقلاب الحوثي، وأوصل معاناتهم إلى المجتمع الدولي، دون مزايدة ولا شعارات براقة. كان جسراً بين الداخل المغيب والخارج المنشغل، حاملاً همّ الوطن لا أجندة الكواليس.
وما زال لدى التكتل الكثير ليقدمه، ليس لنفسه، بل للوطن والمواطن. فالأمر لا يتعلق بتموضع سياسي أو رغبة في الحضور، بل بإيمان أن العمل السياسي، حين يغيب، يترك فراغاً لا تملؤه إلا الفوضى أو الصفقات العابرة. التكتل يحاول أن يعيد البوصلة، بهدوء، بثقة، دون استعراض، ودون ادعاء أنه المخلّص الوحيد.
إن من اعتادوا أن يُسمع صوتهم فقط، قد لا يُعجبهم أن يُكسر الصمت بصوت جماعي جديد. ليس لأنهم يخشون الاختلاف، بل لأنهم ارتاحوا لفكرة أن الساحة باتت لهم وحدهم، حتى وإن كانت ساكنة.
اليوم، يقف التكتل الوطني كأول محاولة جادة منذ وقت طويل لإعادة السياسة إلى إطارها الصحيح: وسيلة لخدمة الناس، لا وسيلة للنجاة الشخصية. ومهما كانت العقبات، فإن تحريك المشهد أفضل ألف مرة من انتظاره أن يتحرك وحده.