البنك المركزي يصدر تعميم (ضوابط عمل تنظيمية)

البعث نيوز ـ خاص
صدر عن البنك المركزي اليمني تعميم موجه إلى كافة شركات ومنشآت الصرافة ووكلاء الحوالات في الجمهورية تحت عنوان (ضوابط عمل تنظيمية)، ويتضمن مجموعة من الضوابط التنظيمية الملزمة التي تهدف إلى إحكام الرقابة على الأنشطة المالية وضبط سوق الصرف الأجنبي.
يأتي هذا التعميم استنادا إلى قانون تنظيم أعمال الصرافة رقم (19) لسنة 1995م والمعدل بالقرار الجمهوري رقم (15) لسنة 1996م، ويعكس رغبة البنك المركزي في تعزيز الشفافية والامتثال المالي ومكافحة الممارسات غير المشروعة التي تؤثر على استقرار العملة المحلية.
أول متطلبات هذا التعميم هو إلزام شركات الصرافة بتطبيق إجراءات القيد والتسجيل الكامل لكافة معاملات بيع وشراء العملات الأجنبية، يتطلب هذا توثيق البيانات الأساسية لكل عميل، بما في ذلك الاسم الرباعي، العنوان، رقم الموبايل، الغرض من العملية، وإرفاق المستندات المؤيدة مثل نسخة من بطاقة الهوية، كما يلزم بإصدار فواتير إلكترونية تسلم للعميل فور تنفيذ العملية، دون أي استثناء، هذا المتطلب يعكس توجهًا دقيقًا نحو بناء قاعدة بيانات شاملة ودقيقة لجميع المعاملات المالية، ما يُسهل عملية الرقابة والتتبع المالي.
ويُعد هذا الإجراء خطوة استراتيجية لتعزيز الرقابة والشفافية والمساءلة في قطاع الصرافة، إذ يُمكن البنك المركزي من متابعة تدفق الأموال بدقة وتحديد مصادرها وأوجه استخدامها، كما يسهم هذا التوثيق المفصل في الحد من مخاطر غسل الأموال وتمويل الإرهاب، إذ يوفر معلومات كافية للتحقق من هوية العملاء ومصدر أموالهم، إضافة إلى ذلك، فإن إصدار الفواتير الإلكترونية يُعد أداة فعالة لتعزيز النزاهة المالية، إذ يُلزم شركات الصرافة بالإفصاح الكامل عن تفاصيل العمليات المالية، مما يحد من التلاعب أو التهرب من الرقابة المصرفية.
التعميم أيضًا يلزم شركات ومنشآت الصرافة ببيع فوائض العملات الأجنبية لديها للبنوك المحلية في نهاية كل يوم عمل أو بداية اليوم التالي كحد أقصى، وفقًا لسعر الصرف السائد في السوق، هذا الإجراء يعكس رغبة واضحة من البنك المركزي في السيطرة على السيولة النقدية من العملات الأجنبية وتحجيم المضاربات التي تؤدي إلى تقلبات غير مبررة في سعر الصرف، ويُسهم هذا التوجيه في تقليل حجم المضاربات غير المشروعة في السوق الموازية، ويعزز من دور البنوك المحلية في إدارة احتياطيات العملات الأجنبية.
ويمكن اعتبار هذا الإجراء خطوة ذكية نحو تحقيق استقرار نقدي من خلال توجيه التدفقات المالية نحو النظام المصرفي الرسمي، مما يعزز من كفاءة البنوك المحلية في التحكم بالمعروض النقدي، كما يُساعد على تحسين قدرة البنك المركزي على إدارة السياسة النقدية بشكل أكثر فاعلية، إذ يوفر رؤية واضحة عن حركة العملات الأجنبية داخل النظام المالي الرسمي، إضافةً إلى ذلك، فإن إلزام شركات الصرافة ببيع فوائض العملات الأجنبية يوميًا يمنع تراكم السيولة النقدية في أيدي المضاربين، ما يعزز من استقرار سوق الصرف ويقلل من تقلبات أسعار العملات.
التعميم يتضمن أيضًا حظرًا صارمًا لأي تعاملات مالية بين شركات الصرافة ووكلاء الحوالات، بما في ذلك عمليات بيع وشراء العملات أو الاحتفاظ بحسابات دائنة أو مدينة فيما بينها، سواء بالريال اليمني أو بالعملات الأجنبية، ويُلزمهم أيضًا بتصفية جميع الأرصدة المالية المتبقية خلال أسبوعين من تاريخ صدور التعميم، ويعكس هذا الحظر رغبة البنك المركزي في منع أي ممارسات احتكارية أو مضاربات غير مشروعة قد تؤدي إلى تشوهات في السوق المالية.
وهذا الحظر يعد إجراءً وقائيًا لضمان نزاهة المنافسة ومنع الاحتكار في سوق الصرافة، من خلال منع التعاملات البينية، ويقطع الطريق على أي محاولات للتلاعب بأسعار العملات أو خلق سوق موازية غير منظمة، كما يسهم هذا الإجراء في الحد من المخاطر النظامية التي قد تنجم عن ترابط الحسابات المالية بين الشركات، مما يعزز من استقرار النظام المالي، بالإضافة إلى ذلك، فإن تصفية الأرصدة المالية خلال فترة زمنية قصيرة يعكس رغبة حازمة في إحكام الرقابة المالية ومنع تراكم الديون المتبادلة، ما يعزز من سلامة التدفقات النقدية داخل النظام المالي.
التعميم شدد أيضًا على تعزيز الرقابة الميدانية من خلال فرق تفتيش متخصصة للتحقق من الالتزام الكامل بمستويات الامتثال، بما في ذلك مطابقة المبالغ النقدية الفعلية في الخزائن والصناديق مع الأرصدة المسجلة في الأنظمة المحاسبية الآلية، ويعكس هذا البند استراتيجية استباقية في الرقابة المصرفية، إذ يُعزز من مصداقية النظام المالي ويضمن الامتثال الكامل للتعليمات التنظيمية.
وهذا البند يُظهر أن البنك المركزي يتبنى نهجًا عمليًا ودقيقًا في الرقابة الميدانية، ما يعكس إدراكه للتحديات التشغيلية والممارسات التي قد تُستخدم للالتفاف على التعليمات، الفحص المفاجئ والمطابقة الدقيقة للأرصدة المالية تعزز من الشفافية وتمنع أي تلاعب محتمل في السجلات المحاسبية، كما يعكس هذا الإجراء رغبة البنك المركزي في بناء نظام مالي قائم على الثقة والمصداقية، مما يعزز من الاستقرار المالي ويُشجع على تدفق الاستثمارات.
التعميم شدد أيضًا على تطبيق عقوبات صارمة تصل إلى وقف أو إلغاء الترخيص في حالة المخالفة أو عدم الامتثال للتعليمات، وهذا يعكس جدية البنك المركزي في فرض الرقابة والانضباط المالي، ويُعد بمثابة رسالة واضحة لجميع شركات الصرافة بضرورة الامتثال الكامل دون استثناء.
وأشار الخبير الاقتصادي وحيد الفودعي بقوله
خلاصة القول، يُظهر هذا التعميم توجهًا استراتيجيًا من البنك المركزي اليمني نحو تحقيق الشفافية المالية، وضبط سوق الصرف الأجنبي، والحد من المضاربة غير المشروعة، وخلق الطلب الوهمي على العملات الصعبة، وتعزيز استقرار العملة المحلية، ويعكس هذا النهج فهمًا عميقًا للتحديات الاقتصادية الراهنة ورغبة واضحة في مكافحة المضاربات غير المشروعة والممارسات الاحتكارية، إذا تم تنفيذ هذه الضوابط بفاعلية، فإنها ستُسهم بشكل كبير في تعزيز كفاءة السوق المالية، ودعم الاستقرار النقدي، وتحسين البيئة الاقتصادية في اليمن.