كشف عملية تزوير وثيقة لدكتور بجامعة صنعاء بعد مرور قرابة 25 عامًا

البعث نيوز ـ خاص
كشفت عملية تحقيق بالصدفة عن تزوير وثيقة رسمية بطريقة “مريبة”، لأحد الطلاب مع بداية الألفينات، والذي أصبح حاليا دكتور في أحد كليات جامعة صنعاء.عملية التزوير كشفها تحقيق لتقصي الحقائق بشأن التعيينات في كلية الزراعة بجامعة صنعاء، والتي طالب بها دكاترة لهم الأحقية في التعيين، وبعد بحث مطول أظهرت الوثائق وجود تزوير ومخالفة لقانون الجامعة واللوائح الداخلية للكليات.
قصة التزوير؟؟
بحسب الوثائق التي حصلنا عليها، فإن الطالب وقتها (عصام عبدالباسط المدحجي)، والذي أصبح حاليا دكتور في كلية الزراعة، هو الذي كشفت الوثائق أنه زوّر كشف بيان الدرجات الخاص به، بعد أن كان غائبا عن اختبار مادة الرياضيات في المستوى الدراسي الأول للعام الجامعي 1997/1998.
اللوائح المنظمة للاختبارات بحسب اللائحة فإن إعادة اختبار المادة يحصل الطالب على 50 درجة بغض النظر عن الدرجة الفعلية التي حصل عليها في اختبار الإعادة
قوانين ولوائح الجامعة تقول إن الطالب إذا غاب بعذر يتم احتساب الدرجة من 100 في الإعادة، فيما لا تحتسب الدرجة كاملة للطالب الذي يغيب دون عذر، وهو تمييز للطلاب الذين رسبوا، (وعندما) يتم اصدار السجل الأكاديمي للطالب بعد استكمال الدراسة هناك رموز معينة للتقديرات، وأيضا رمز لمن نجح بالمادة الرسوب بعد الإعادة يتم كتابة رمز النجمة () أمام المادة.
وبالنسبة للأوائل وحسب لوائح وقوانين الجامعة، إذا حصل الطالب على الترتيب الأول في قسم التخصص وبتقدير امتياز أو جيد جدا ولم يكن لديه أي مادة رسوب طوال 4 سنوات يتعين بدرجة أكاديمية، أما إذا كان الأول ولديه مادة رسوب أو أكثر خلال الـ4 سنوات فيحق له التعيين لأنه الأول، لكن الفرق هنا أنه يتعيّن بدرجة فني فقط (يعمل في معامل الكلية أو أعمال إدارية ولا يتحوّل إلى أكاديمي إطلاقا)، وهنا كانت عملية التزوير المتورط فيها الطالب وقتها (عصام المدحجي) بحكم أن لديه (غياب دون عذر)، والذي زوّر سجله الأكاديمي بعد إكمال الدراسة، وحدثت عملية التزوير في حذف إشارة ( ) من السجل وكأنه خالي من أي عائق يعوقه للتعيين “كأكاديمي”، وهذا السجل هو الذي يتم تقديمه للتعيينات مع الشهادة.
وبحسب التفاصيل فقد تم تعيين (المدحجي) بناء على السجل الأكاديمي المزوّر، وحصل على منحة لخارج اليمن لدراسة الدكتوراه على نفقة جامعة صنعاء، وعاد (ليصبح دكتور في الكلية ومن بعدها) أصبح أمين سر مجلس قسم “البستنة” في كلية الزراعة ومسؤول الدراسات العليا في القسم ومشرف على رسائل ماجستير، كما أن عملية التزوير منحته امتيازات كثيرة.
لجنة تحقيق نائب رئيس جامعة صنعاء للشؤون الأكاديمية، إبراهيم المطاع، عميد كلية الزراعة الدكتور/ عادل الوشلي، بتشكيل لجنة تحقيق وتكونت من (نائب عميد كلية الزراعة للشؤون الأكاديمية، رئيس قسم المحاصيل، ونائب “العميد لشؤون” الجودة).
لجنة التحقيق التي جرى تشكليها للبحث في الأمر، حاول بعض أعضاء هيئة التدريس منع عملها، وسط إنكار لعملية التزوير التي جرت حينها.وبحسب التقرير الذي تحقق من مقرر الرياضيات للدكتور المدحجي وصدر في ديسمبر 2024، وبعد الاطلاع على “الكنترول شيت” لسنوات الدراسة، أتضح أن مادة الرياضيات كانت مرصودة غياب في سنة أولى للعام الدراسي 1997/1998.
ووفق التقرير لم تظهر المادة في “كنترول شيت” سنة ثانية (1998-1999)، وظهرت في كنترول شيت سنة ثالثة (1999-2000) باعتبارها (مادة تخلف) ولم ترصد لها درجة ولم تظهر في كنترول شيت سنة رابعة (2001-2000).
وتقول نتائج التحقيق “نظرا لعدم التمكن من التأكد بأنه (تم) اجتياز المادة أم لا، فقد تم الاطلاع على كشوفات نتائج مادة الرياضيات وأتضح أن (المادة) مرصودة غياب في كشف السنة الأولى (1997-1998)، وأنه تم اختبارها في كشف السنة الثالثة (1999-2000) وكانت النتيجة 63 درجة، وشُطبت وسُجل مكانها 50 درجة”.
(ولا يتم شطب الدرجة وتحويلها إلى 50 درجة فقط إلا في حالة اعتمادها أنه تمت إعادة المادة كرسوب).
وكشف سجل التخرج مشار فيه بأن المادة تم اختبارها في السنة الثانية (1998-1999)، وأن الغياب كان بعذر.
عقوبة تزوير الوثائق الجامعية في القانون اليمني وفقًا للقانون الجزائي اليمني، يُعتبر تزوير الشهادات الجامعية جريمة جنائية تُعاقب عليها القوانين المتعلقة بالتزوير في المستندات الرسمية.
تنص المواد ذات الصلة في قانون الجرائم والعقوبات اليمني (القانون رقم 12 لسنة 1994) على ما يلي:
1-المادة 218:-يُعاقب بالحبس مدة تصل إلى سبع سنوات كل من زور محررًا رسميًا أو قلد ختمًا أو توقيعًا يُستخدم في وثائق رسمية.
-المادة 222:-تُشدد العقوبة إذا استُخدم المستند المزور للحصول على منفعة، سواء كانت مالية أو وظيفية.
3-المادة 224:-يُعاقب كل من استعمل محررًا مزورًا وهو يعلم بتزويره بعقوبة الحبس التي تصل إلى خمس سنوات.
العقوبات الإضافية:-
الفصل من الوظيفة العامة: إذا كان الجاني موظفًا حكوميًا.
-الغرامات المالية: قد تُفرض بالإضافة إلى الحبس.
-إبطال الشهادة: تُلغى الشهادة المزورة ويُبطل أي أثر قانوني أو إداري لها.
وبحسب القانون “هذه الأحكام تؤكد خطورة جريمة تزوير الشهادات الجامعية لما تسببه من أضرار بالثقة العامة والمصلحة الوطنية”.
وتعد عملية التزوير هذه من العمليات المريبة، رغم مرور 25 عاما على ارتكابها، ألا أنها تظل فضيحة واساءة لواحدة من أكبر الجامعات اليمنية التي خرّجت عشرات الآلاف من الطلاب منذ تأسيسها.
هذه “الفضيحة” ليست مجرد خلل إداري أو تجاوز فردي، بل “جريمة تزوير مكتملة الأركان” تورّط فيها من يفترض أنهم حماة وحرّاس للعلم.والأخطر من التزوير نفسه هو “التمترس الفاضح” لإدارة الجامعة وإدارة الكلية خلف التبرير والإنكار، والمحاولات المستميتة لحماية “المزوّر” بدل محاسبته، وهذا يفتح الباب واسعًا أمام عدة تساؤلات مهمة: كم حالة مشابهة دُفنت؟ وكم مزوّر يمنح الدرجات العلمية زورًا؟إن استمرار هذا التواطؤ يضع مستقبل الطلاب على المحك، ويحوّل جامعة صنعاء من صرح أكاديمي إلى بيئة خصبة لعمليات التزوير.
وتسليط الضوء هذه الواقعة، يمثل دفاعًا عن “قدسية التعليم والأجيال القادمة”، والسكوت لم يعد خيارًا، والتستر عليه خيانة، والمحاسبة واجب لا يحتمل التأجيل.
كافة الوثائق لدى الموقع وسيتم نشرها لاحقا وتقديمها للجهات المسئولة .